شعوبي
عدد المساهمات : 32 تاريخ التسجيل : 19/02/2012
| موضوع: اراء في تاريخ المقام العراقي الثلاثاء مارس 13, 2012 12:14 am | |
| اخواني واخواتي هذا الموضوع عن تاريخ المقام العراقي وما يتعلق به كتبه الدكتور(د. حميد البصري) وهو احد الباحثين في قضايا المقام العراقي ولأهميته انقله اليكم للفائده العامه ..
تحياتي شعوبي
تميز العراق بحضارات يمتد تاريخها الى آلاف السنين ، وكان للجانب الفني نصيب كبير في تلك الحضارات وخاصة الموسيقى والغناء . فقد اثبت الدكتور صبحي انور رشيد في كتبه ( الآلات الموسيقية في العراق القديم ) و ( الآلات الموسيقية في العصور الاسلامية ) بما لا يقبل الشك ، ان الكنارة مثلا قد ظهرت في العراق قبل حوالي الخمسة آلاف سنة ومثلها كان العود ، استنادا الى ما جاءت به الآثار من أدلة وشواهد .
وتوالت ابداعات العراقيين عبر العصور ، فكانت مؤلفات الكندي والفارابي وابن سينا ومن جاء بعدهم تراثا مهما في تطور الموسيقى العربية ونظرياتها .والمقامات العراقية واحدة من الصيغ الغنائية التراثية التي وصلت لنا شفاها عبر العصور .واختلف المتخصصون في تاريخها ، فبينما يرجع الباحث الحاج هاشم الرجب المقامات الى 300 او 400 سنة ، يعتقد الاستاذ شعوبي ابراهيم ان تاريخ المقامات العراقية يرجع الى العصر الاول للخلافة العباسية .
وبسبب عدم وجود دراسة اكاديمية تحدد تاريخ المقامات العراقية ، لايمكننا اعتماد احد هذين الرأيين السابقين كرأي قاطع وملزم ونهائي . ومع ذلك ، فإن كل الدلائل تؤكد قدم هذه الصيغة الغنائية التي وصلتنا شفاها عبر السنين بسبب التصاقها بالذائقة الشعبية العراقية من جانب ، ووجود نسبة كبيرة فيها من الحرية في التصرف والابداع الذاتي للمغني مما اكسبها مجالا لإضفاء روح وطابع الحالة الفنية في كل عصر تمرّ به .
وقد واجه الجيل الجديد في تعلــّمه للمقام مشكلة عزوف غالبية قراءه عن تعليمه للشباب ، غير أن المرحوم الاستاذ شعوبي ابراهيم كان اكثر خبراء المقام تحمسا في تعليمه للشباب .وفعلا ، بدأ تدريسه في معهد الدراسات الموسيقية بطريقة التلقين والتقليد . كان ذلك متعبا للاستاذ شعوبي ، فسجل كافة المقامات على اشرطة كاسيت لتكون منهاجا لطلبة المعهد ، ثم اكمل البرنامج بكتاب شرح فيه ما سجله في الاشرطة .
كانت هذه خطوة مهمة في الحفاظ على هذا التراث الذي يختص به العراق دون غيره من البلدان العربية لكنها غير كافية لأنها توفر فقط تسجيلات للمقامات وشرح أدبي سردي لا يساعد كثيرا تعلـــّم الطلبة للمقام بأسلوب علمي كما هو مأمول ومرتجى .
ان من يطـّلع على تجارب الشعوب المتقدمة في علوم الموسيقى ، يجد ان التحليل المعاصر لعلم الموسيقى المقارن – الاثنوموزيكولوجي – فتح آفاقا واسعة لكتابة الموسيقى ، أية موسيقى ، موزونة كانت ام حرة غير موزونة ، بالنوتة الموسيقية .
لكن كتابة المقام العراقي بالنوتة الموسيقية واجهت معارضة من قبل بعض علماء الموسيقى العرب ، مثل الدكتور صالح المهدي والباحث الحاج هاشم الرجب وغيرهم بحجة ان النوتة الموسيقية تقيّد المغني اذي يجب ان يكون حرا في غنائه ، لكن هذا الرأي غير دقيق ، لأن كتابة المقام ستكون باسلوب النوتة الحرة Adlibitone ، وهي اسلوب يعطي المغني حرية اطالة او تقصير زمن الاصوات واضافة الزخارف المناسبة حسب ابداع ذلك المغني . اذا ً ، النوتة لا تقيّد المغني بقدر ما تدله على الخطوات الدقيقة لحركة اللحن او ان صح التعبير الحديث – خارطة طريق للغناء – مع اعطاء حرية للتفاصيل.وقد تطورت كتابة النوتة الموسيقية واستحدثت علامات جديدة توصف شكل الصوت الموسيقي وحركته المتموجة او الساكنة .... الخ .
إن النسبة المئوية للارتجال التي تتميز بها المقامات العراقية جعلت من هذا القالب الغنائي نموذجا حيا لن يموت ، بل يتجدد عبر السنين من خلال تطويره وصبغه بملامح العصر الذي يمر فيه ، وإضافة مقاطع غنائية جديدة اليه ، بل ان بعض المبدعين من المغنين قد خلقوا مقامات جديدة بسلالم موسيقية لم تستخدم من قبل ، كما فعل الفنان محمد القبنجي .
لذا وجب علينا كتابة المقامات بشكل علمي وتسهيل تعليمه للشباب كي يساهم المبدعون منهم بدورهم في وضع بصمات عصرهم عليها ، كما فعل من سبقهم من الاجيال الماضية .
فهل نجعل المقامات العراقية تراثا متحفيا ام ابداعا متجددا ؟
هذا هو السؤال . | |
|